الصفحة الرئيسية  متفرّقات

متفرّقات هذه قصة منزل عائلة بشارات الفلسطينية الذي بنته عام 1926 في غربي القدس واستولى عليه اليهود

نشر في  10 جانفي 2024  (15:17)

في حي الطالبية بالقدس، مبنى شيد عام 1926، لا يزال أصحابه الأصليون يحاولون استعادته، أو على الأقل استراق النظر إلى واحد من أهم المباني التي شيدت في غربي القدس.

عام 1926، شيد في القدس واحد من أهم المباني التاريخية، التي أطلق عليها فيلا هارون الرشيد، وهو مبنى مكون من طابقين ومبني بالحجر، وتتوسط واجهته الأقواس والقناطر، وتتقدمه حديقة كالبستان، بناه صاحبه حنا إبراهيم بشارات عام 1926، وبعد تهجير سكانه استوطن في الطابق الأول للبيت قاضي المحكمة العليا "الإسرائيلية"، ولاحقاً سكنته رئيسة وزراء الاحتلال غولدا مئير التي أمرت بإزالة التسمية العربية "فيلا هارون الرشيد" المحفورة في لوحة رخامية فنية مثبتة على أحد جدرانه الداخلية، وذلك قبل ساعة واحدة من قيام الأمين العام للأمم المتحدة السابق داجغ همرشولد بزيارتها في ذلك المنزل.

"وأنا الذهاب المُستمر إلى البلاد"

كتب الباحث والموثق البصري لتاريخ فلسطين طارق البكري نصا توثيقيا بعنوان "وأنا الذهاب المُستمر إلى البلاد" لمحاولة الحفيد الرابع لعائلة بشارات، أندرو، زيارة منزل عائلته وهو يحمل في يده صورة بالأبيض والأسود تجمع أفراد العائلة أمام المبنى الذي ينكر المستوطنون أي وجود لهم.

واستهل البكري نصه بالقول: "في عام 1977، جاء البروفيسور جورج بشارات إلى فلسطين من خلال جنسيته الأمريكية حاملاً صورة منزل جده في حي الطالبية، بحث في المنطقة التي تغيّرت أسماء شوارعها وتعبرنت، سار بين المنازل مسترجعًا وصف والده وجدّه للمنطقة، ما الذي حلّ بفيلا هارون الرشيد اليوم؟".

وقال البكري: "شُيّد عام 1926 واحد من أجمل مباني غربي القدس لعائلة بشارات التي تعود أصولها إلى قرية رفيديا في نابلس، وقد اختار حنا بشارات المولود في مدينة السلط أن يرتبط اسم الفيلا بالخليفة العباسي هارون الرشيد لفخامتها وطرازها المعماري المميّز".

وحول المحاولة الأولى من أبناء العائلة لزيارة منزلهم قال الباحث: "بعد ساعات من البحث، وجد البروفيسور جورج المنزل بطوابقه الثلاثة والسيراميك الأزرق الذي يزيّن واجهته وزواياه وحديقته وأشجار الليمون والزينة، استرجع ذكريات المكان وطابقه مع ما شاهدته عيناه وسمع صوت والده وأعمامه يلعبون في حديقة منزلهم ويلتقطون الصور العائلية غير مدركين لمصير منزلهم بعد سنوات".

وأردف: "طرق باب المنزل ففتحت له مُسنّة إسرائيلية الباب، عرّفها بنفسه وأخبرها بأن عائلته ملكت هذا المنزل قبل أن تستولي عليه الهاجاناه عام 1948 بعد أن استلمت مفاتيحه من البريطانيين الذين استأجروا المبنى من عائلته، فقالت له "عائلتك لم تسكن هنا أبدًا"، ضحك في سرّه ولم يجادلها وهو يحمل صورة عائلته بيده، على إثر هذه المحادثة جاء زوجها "تسفي برنزون" الذي كان قد شَغِل منصب قاضٍ في محكمة العدل العليا الإسرائيلية وسمح له بالدخول إلى صالون المنزل فقط".

أما جولدا مئير رئيسة الوزراء الإسرائيلية السابقة وفي مقابلة لها مع الصحفي فرانك جايلز، كانت قد صرّحت على صفحات جريدة الصندي تايمز في 15 حزيران 1969 بأنه " لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني، تتحدثون كأننا جئنا وطردناهم من بلدهم، لم يكونوا موجودين". سكنت جولدا مئير التي كانت تشغل منصب وزيرة الخارجية أنذاك الطابق الثاني من منزل عائلة بشارات، وفقا للباحث.

وتابع: "ها نحن الآن بعد 45 عامًا من الزيارة الأولى للمنزل، يأتي أندرو بشارات ابن الجيل الرابع إلى فلسطين متمسكًا بذكريات عائلته وحقهم وبإصرارٍ لا يقلّ عن سابقيه حاملاً نفس الصورة لأن "الصغار لا ينسون". تجوّلنا في حي الطالبية ثم توجهنا إلى المنزل، وقف أندرو أمام البوابة وصمت لأكثر من ٥ دقائق دون أن يحرك ساكنًا وكأن شريط ذكريات عائلته يُعرض بين أقواس شرفة الطابق الثالث، تجوّل في حديقتها، صعد الأدراج الخارجية، أمسك الجدران، تمعّن بالنوافذ والتقط الصور بهاتفه."

وأضاف: "خلال وقوفنا عند مدخل المنزل، فجأة فُتح الباب وخرج إلينا شخصين أحدهما بملابس عمل. تساءل الآخر، من أنتم وهل أستطيع مساعدتكم بشيء ما؟ تقدّم أندرو وعرّفه بنفسه وقال له أن عائلته سكنت في هذا المبنى، أخبره بأنه مهندس تقوم شركته بتصميم وتجديد المنزل من الداخل، وأنه إذا رغب بالدخول والتجول بداخله، فيمكنه الاتصال بمالكي المنزل ليطلب إذنًا له بالدخول. رفض أندرو ذلك، قطف حبتيّ ليمون من الحديقة ليعطي واحدةٍ لوالده ويحتفظ بالأخرى لنفسه وهمّ بالخروج. عاد واستوقفنا الإسرائيلي وسأل أندرو مستغربًا: هل سكنوا هنا في منزل جولدا ؟ ".

ضحك في سرّه ولم يجادله وهو يحمل صورة عائلته بيده وغادر.

المصدر: الحدث الفلسطيني